کد مطلب:168082 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:198

ابن زیاد یعبیء الکوفة لقتال الحسین
كان الحر بن یزید الریاحی قد كتب إلی ابن زیاد بعد نزول الامام (ع) فی كربلاء یخبره بذلك، ویروی بعض ‍ المؤرّخین أنّ ابن زیاد عندئذٍ كتب إلی الامام الحسین (ع): (أمّا بعدُ یا حسین، فقد بلغنی نزولك بكربلاء، وقد كتب إلیَّ


أمیرالمؤمنین یزید بن معاویة أن لا أتوسّد الوثیر ولاأشبع من الخمیر، أو ألحقك باللطیف الخبیر! أو ترجع إلی حكمی وحكم یزید بن معاویة.

فلمّا ورد الكتاب قرأه الحسین ثمّ رمی به، ثمّ قال: لاأفلح قومٌ آثروا مرضاة أنفسهم علی مرضاة الخالق!فقال له الرسول: أبا عبداللّه! جواب الكتاب؟

قال: ماله عندی جواب، لانّه قد حقّت علیه كلمة العذاب!

فقال الرسول لابن زیاد ذلك، فغضب من ذلك أشدّ الغضب...). [1] .

ثمّ إنّ ابن زیاد كما مرَّ بنا أمر عمر بن سعد بتولّی قیادة الجیوش لقتال الامام (ع)، فخرج بعد تردد!؟ فی أربعة آلاف حتی نزل كربلاء فی الثالث من المحرّم، وانضمّ إلیه الحرّ مع ألف فارس هناك، فصار فی خمسة آلاف فارس.

وقال ابن أعثم الكوفی: (ثمّ جمع عبیداللّه بن زیاد النّاس الی مسجد الكوفة، ثمّ خرج فصعد المنبر، فحمد اللّه وأثنی علیه ثمّ قال: أیها النّاس! إنّكم قد بلوتم آل سفیان فوجدتموهم علی ما تحبّون! وهذا یزید قد عرفتموه أنّه حسن السیرة! محمود الطریقة! محسن إلی الرعیّة! متعاهد الثغور!یعطی العطاء فی حقّه، حتّی أنّه كان أبوه كذلك!، وقد زاد أمیرالمؤمنین فی إكرامكم، وكتب إلیَّ یزید بن معاویة بأربعة آلاف دینار ومائتی ألف درهم [2] أفرّقها علیكم وأخرجكم إلی حرب عدوّه الحسین بن علیّ! فاسمعوا وأطیعوا. والسلام.


قال: ثمّ نزل عن المنبر، ووضع لاهل الشام [3] العطاء فأعطاهم ونادی فیهم بالخروج إلی عمر بن سعد لیكونوا أعواناً له علی قتال الحسین.

قال فأوَّل من خرج إلی عمر بن سعد الشمر بن ذی الجوشن [4] السلولی لعنه اللّه فی أربعة آلاف فارس، فصار عمربن سعد فی تسعة آلاف، ثمّ اتبعه زید (یزید) بن ركاب الكلبی فی ألفین، والحصین بن نمیر السكونی [5] فی أربعة آلاف، والمصاب الماری [6] فی ثلاثة آلاف، ونصر بن حربة فی ألفین، فتمّ له عشرون ألفاً،


ثمّ بعث ابن زیاد إلی شبث بن ربعی الریاحی.. [7] فاعتلّ بمرض،فقال له ابن زیاد:أتتمارض؟ إن كنتَ فی طاعتنا فاخرج إلی قتال عدوّنا، فخرج إلی عمر بن سعد فی ألف فارس بعد أن أكرمه ابن زیاد و أعطاه وحباه، و أتبعه بحجّار بن أبجر [8] فی ألف فارس، فصار عمر بن سعد فی إثنین وعشرین ألفاً ما بین فارس وراجل.). [9] .

ویصف البلاذری التعبئة العامة التی قام بها ابن زیاد لاخراج أهل الكوفة إلی قتال الامام الحسین (ع) قائلاً: (ولمّا سرّح ابن زیاد عمر بن سعد من (حمام أعین)، [10] أمر الناس فعسكروا بالنخیلة، وأمر ألاّ یتخلّف أحدٌ منهم، وصعد المنبر فقرّظ معاویة وذكر إحسانه وإدراره الاعطیات، وعنایته بأمور الثغور، وذكراجتماع الاُلفة به وعلی یده! وقال: إنّ یزید إبنه المتقیّل [11] له، السالك لمناهجه المحتذی لمثاله، وقد زادكم مائة مائة فی أعطیاتكم، فلایبقین رجل من العرفاء والمناكب


والتجّار والسكّان إلاّ خرج فعسكر معی! فأیّما رجل وجدناه بعد یومنا هذا متخلّفاً عن العسكر برئت منه الذمّة!

ثمّ خرج ابن زیاد فعسكر، وبعث إلی الحصین بن تمیم وكان بالقادسیة فی أربعة آلاف، فقدم النخیلة فی جمیع من معه، ثمّ دعا ابن زیاد كثیر بن شهاب الحارثی، ومحمّد بن الاشعث بن قیس،والقعقاع بن سوید بن عبدالرحمن المنقری، و أسماء بن خارجة الفزاری، وقال: طوفوا فی الناس فمروهم بالطاعة والاستقامة،وخوّفوهم عواقب الامور والفتنة والمعصیة! وحثّوهم علی العسكرة!

فخرجوا فعذروا وداروا بالكوفة، ثمّ لحقوا به، غیر كثیر بن شهاب فإنّه كان مبالغاً یدور بالكوفة یأمر النّاس بالجماعة ویحذّرهم الفتنة والفرقة، ویخذّل عن الحسین!

وسرّح ابن زیاد أیضاً حصین بن تمیم فی الاربعة اَّلاف الذین كانوا معه إلی الحسین بعد شخوص عمر بن سعد بیوم أو یومین،ووجّه أیضاً إلی الحسین حجّار بن أبجر العجلی فی ألف،وتمارض شبث بن ربعی، فبعث إلیه فدعاه وعزم علیه أن یشخص إلی الحسین فی ألف ففعل. [12] .

وكان الرجل یُبعث فی ألف فلا یصل إلاّ فی ثلاثمائة أو أربعمائة وأقلّ من


ذلك كراهة منهم لهذا الوجه! [13] .

ووجّه أیضاً یزید بن الحارث بن یزید بن رویم [14] فی ألف أو أقلّ، ثمّ إنّ ابن زیاد استخلف علی الكوفة عمرو بن حریث، [15] وأمر القعقاع بن سوید بن


عبدالرحمن بن بجیرالمنقری بالتطواف بالكوفة فیخیل، فوجد رجلاً من همدان قد قدم یطلب میراثاً له بالكوفة، [16] فأتی به ابن زیاد فقتله! فلم یبق بالكوفة محتلم إلاّخرج إلی العسكر بالنخیلة.

ثمّ جعل ابن زیاد یُرسل العشرین والثلاثین والخمسین إلی المائة،غدوة وضحوة ونصف النهار وعشیّة، من النخیلة یمدُّ بهم عمر بن سعد وكان یكره أن یكون هلاك الحسین علی یده! فلم یكن شیء أحبّ إلیه من أن یقع الصلح! ووضع ابن زیاد المناظر علی الكوفة لئلاّ یجوز أحدٌ من العسكر مخافة لان یلحق الحسین مغیثاً له! ورتّب المسالح حولها، وجعل علی حرس الكوفة والعسكر زحر بن قیس الجعفی، [17] ورتّب بینه وبین عسكر عمر بن سعد خیلاً مضمرة مقدحة! فكان خبر ما قِبَله یأتیه فی كلّ وقت.). [18] .



[1] الفتوح، 5:150 -151.

[2] في ما نقله العلاّمة المجلسي (ره) عن كتاب السيد محمد بن أبيطالب لايوجد ذكر لهذا المبلغ، بل فيه: (وقد زادكم في أرزاقكم مائة مائة، وأمرني أن أوفّرها عليكم وأخرجكم إلي حرب عدوّه الحسين، فاسمعوا له وأطيعوا). (راجع: البحار: 44:385).

[3] لعلّ هذا من سهو النسّاخ، وإلاّ فلم يُعرف أن هناك قطعات عسكرية من أهل الشام اشتركت في كربلاء، ثمَّ إنَّ وضع العطاء لاهل الشام ليس من اختصاص والي الكوفة إدارياً.

[4] العامري: كان لعنة اللّه عليه من أشدّ أعداء الامام الحسين (ع) عليه، وكان حضر صفّين في صف الامام عليّ (ع)، وكان ممّن شهدعلي حجر بن عدي (رض)، وهو الذي حرّض ابن مرجانة علي التشدّد في مواجهة الحسين (ع) وقتله، وهو الذي نزل إلي الامام (ع) علي ما هو المشهور فذبحه عطشاناً! وهوالذي همّ بقتل الامام السجّاد(ع)، وهو الذي طعن برمحه فسطاط النساء، وكان من الذين قدموا بالرؤوس المقدّسة وبالاُساري إلي يزيد لعنه اللّه، وكان من الذين قتلهم المختار (ره) في جملة قتلة الحسين (ع).

[5] الحصين بن نمير السكوني لعنه اللّه، ورد إسمه في بعض المصادر التأريخية: الحصين بن تميم التميمي، وهو ملعون خبيث،من أتباع معاوية المخلصين له، ومن رؤساء جند ابن زياد، وكان علي شرطته، وكان ابن زياد قد بعثه إلي القادسية لينظمّ الخيل ما بينها إلي خفّان والقطقطانة ولعلع، وهو الذي قبض علي عبداللّه بن يقطر(رض)، وكذلك علي قيس بن مسهّر(رض)، وكان له دور فعّال في قتال الامام الحسين (ع) في كربلاء، وكان مأموراً منقبل يزيد أيضاً لقتال ابن الزبير بمكة.

[6] و ورد في حاشية الفتوح أنّ إسم هذا الرجل مصابر بن مزينة المازني، وذكره المحقّق القرشي بإسم (مضاير بن رهينة المازني)، (راجع: حياة الامام الحسين بن علي (ع)،3:123).

[7] شبث بن ربعي الرياحي اليربوعي التميمي: لعنه اللّه، كان مؤذن سجاح التي ادّعت النبوّة، ثمّ أسلم، وكان فيمن أعان علي عثمان، ثمّ صار مع عليّ، ثم صار من الخوارج، ثمّ تاب!، ثم حضر قتل الحسين (ع)، وكان ممّن كتبوا إليه في مكّة!، ثمّ حضرقتل المختار، ومات بالكوفة حدود الثمانين، وهو من أصحاب المساجد الاربعة الملعونة التي جدّدت بالكوفة فرحاً واستبشاراً بقتل الحسين (ع).

[8] حجار بن أبجر العجلي السلمي: راجع ترجمته في الجزء الثاني من هذه الدراسة: 342.

[9] الفتوح، 5: 157-158.

[10] حمّام أَعيَنَ: بتشديد الميم، بالكوفة، ذكره في الاخبارمشهور، منسوب إلي أعين مولي سعد بن أبي وقّاص (معجم البلدان، 2:299)، وفي تجريد الاغاني لابن واصل الحموي، 1:277 أنه بإسم أعين حاجب بشر بن مروان بن الحكم.

[11] المتقيّل له: لربّما كانت بمعني المتخيَّر من قَبِلهِ، أوالبديل له (راجع: لسان العرب،11:572-580، مادة:قول، قيل).

[12] (ثمَّ أرسل إلي شبث بن ربعي أن أقبل إلينا، وإنّا نريد أن نوجّه بك الي حرب الحسين! فتمارض شبث، و أراد أن يعفيه ابن زياد فأرسل إليه: أمّا بعدُ، فإنّ رسولي أخبرني بتمارضك،وأخاف أن تكون من الذين إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنّا، وإذا خلوا إلي شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزؤن! إن كنت في طاعتنا فأقبل إلينا مسرعاً. فأقبل إليه شبث بعد العشاء لئلاّ ينظر إلي وجهه فلايري عليه أثر العلّة، فلمّا دخل رحّب به وقرّب مجلسه، وقال: أُحبُّ أن تشخص إلي قتال هذا الرجل عوناً لابن سعد عليه! فقال: أفعل أيها الامير!) (البحار، 44: 386 نقلاً عن كتاب السيّد محمد بن أبي طالب).

[13] روي الدينوري قائلاً: (قالوا: وكان ابن زياد إذا وجّه الرجل إلي قتال الحسين في الجمع الكثير، يصلون إلي كربلاء ولم يببق منهم إلاّ القليل، كانوا يكرهون قتال الحسين، فيرتدعون ويتخلّفون) (الاخببارالطوال: 254).

[14] يزيد بن الحارث بن يزيد بن رويم: راجع ترجمته مفصلّة في الجزء الثاني من هذه الدراسة: 342.

[15] عمرو بن حريث: قال التستري عدّة الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب الرسول (ص)، وفي أصحاب عليّ(ع)، قائلاً: عدوّاللّه ملعون. (راجع: قاموس الرجال، 8:75).

وهو ممّن مرد علي النفاق فلايستطيع العيش بلانفاق، وقد روي عن الحسين (ع) أنه قال: (لمّا أراد عليُّ أن يسير إلي النهروان،استنفر أهل الكوفة وأمرهم أن يعسكروا بالمدائن، فتأخّر عنه شبث بن ربعي، وعمرو بن حريث، والاشعث بن قيس، وجرير بن عبداللّه البجلي، وقالوا: أتأذن لنا أيّاماً نتخلّف عنك في بعض حوائجنا ونلحق بك؟ فقال لهم: قد فعلتموها! سوءة لكم من مشايخ، فواللّه مالكم من حاجة تتخلّفون عليها، وإنّي لاعلم ما في قلوبكم، وسأبيّن لكم، تريدون أن تثبّطوا عنّي الناس، وكأنّي بكم بالخورنق وقد بسطتم سُفركم للطعام، إذ يمرُّ بكم ضبُّ فتأمرون صبيانكم فيصيدونه، فتخلعوني وتبايعونه!

ثم مضي إلي المدائن، وخرج القوم إلي الخورنق، وهيأوا واطعاماً، فبيناهم كذلك علي سفرتهم وقد بسطوها إذ مرَّ بهم ضبُّ! فأمروا صبيانهم فأخذوه وأوثقوه، ومسحوا أيديهم علي يده كما أخبر عليُّ، وأقبلوا إلي المدائن،فقال لهم أميرالمؤمنين (ع): بئس للظالمين بدلاً! ليبعثنكّم اللّه يوم القيامة مع إمامكم الضبّ الذي بايعتم! لكأنّي أنظر إليكم يوم القيامة وهو يسوقكم إلي النار.

ثمّ قال: لبن كان مع رسول اللّه منافقون فإنّ معي منافقين، أما واللّه يا شبث ويا ابن حُريث لتقاتلان ابني الحسين، هكذا أخبرني رسول اللّه (ص).) (الخرائج والجرائح، 1:225-226، رقم70).

وكان معاوية قد دسَّ إلي عمرو بن حريث، والاشعث بن قيس، وحجربن الحجر، وشبث بن ربعي دسيساً أفرد كلّ واحد منهم بعين من عيونه: (أنّك إنْ قتلت الحسن بن عليّ فلك مائتا ألف درهم،وجند من أجناد الشام، وبنت من بناتي)، فبلغ الحسن (ع) ذلك فاستلام ولبس ‍ درعاً وكفّرها، وكان يحترز ولايتقدّم للصلاة بهم إلاّ كذلك، فرماه أحدهم بسهم في الصلاة.. (راجع:علل الشرائع: 220، باب 160).

وكان عمرو بن حريث مقرّباً من عبيداللّه بن زياد، وكان يستخلفه عليها، فقد استخلفه عليها أثناء مواجهتة لمحاصرة مسلم بن عقيل (ع) إيّاه في القصر، كما استخلفه عليها عند خروجه الي النخيلة أبّان محاصرته الامام الحسين (ع) في كربلاء.

[16] في الاخبار الطوال: 255، (فبينما هو يطوف في أحياء الكوفة إذ وجد رجلاً من أهل الشام قد كان قدم الكوفة في طلب ميراث له، فأرسل به الي ابن زياد، فأمر به فضربت عنقه!).

[17] يرد إسمه في مصادر تأريخية أخري: زجر بن قيس الجعفي.

[18] أنساب الاشراف، 3:386-388.